حتى نفهم حال منطقه الاعراف لا بد ان نفرق بين مكانين السور والحجاب وهذا هو اللبس الذي وقع فيه الكثير من المفسرين
ففي الاية بقوله تعالى
يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا
انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا
وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ
بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ
(سورة الحديد 13)
السور الذي ضرب ما بعد الحساب لفصل اصحاب الجنة عن اصحاب النار وله باب باطنه الرحمه وظاهره ومن قبله العذاب
اي وجه الباب تلقاء اصحاب النار وظاهرها العذاب لما هم فيه والدخول من خلال الباب تلقاء اصحاب الجنة اي باطنها الرحمه
وابين لاحقا فائدة هذه الباب
اما قوله تعالى
وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ
اللهُ قَالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ
سورة الأَعراف 46 – 50
الحجاب هنا ليس معناه السور الذي ضرب ما بين اصحاب الجنة واصحاب النار والا لقال سبحانه وبينهما سور
اشارة الى الاية التي ضرب فيه السور ولكن المعنى اللغوي للحجاب بسياق الايه هو مقدمة الجبل في منطقة الاعراف
يتوسط السور وعلى هذا المرتفع
رجال الاعراف وهم الرسل (رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ) للامم الذين بعثوا فيهم واستخدام معنى كلمة رجال
مدلوها على الملة اي كل امة اي قوم يتبعون ملة رسولهم موسى ابراهيم محمد نوح عيسى صلوات ربي وسلامي عليهم
و كما في قوله تعالى واستشهدوا شهيدين
من رجالكم اي من ملة قومكم
ويسلم الرسل على اصحاب الجنة وهم لم يدخلو الجنة بعد( وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ)
فكانوا يرون اصحاب النار وان لا يجعلهم مع القوم الظالمين لشدة خوفهم كحال وصية ابابكر لعمر
وان الله تعالى ذكر أهل الجنة فذكرهم بأحسن أعمالهم وتجاوز عن سيئه، فإذا ذكرتهم قلت: اني لأخاف أن لا الحق بهم
وإن الله تعالى ذكر أهل النار فذكرهم بأسوأ أعمالهم ورد عليهم أحسنه فإذا ذكرتهم قلت إني لأرجو أن
لا أكون مع هؤلاء ليكون العبد راغبا راهبا،
لا يتمنى على الله، ولا يقنط من رحمة الله.
وكيف راى اصحاب الجنة اصحاب النار وبينهما سور نقول فيه ان طبيعة خلقنا على طور الاحسن تقويم فكشفنا
عنك غطائك فبصرك اليوم حديد اذن قوة الابصار هذا سبب وسبب اخر ان السور فيه نفاذية الابصار بدون ان يتداخل
الناس الذين هم فيها ومثال على هذا الحاجز مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان اي حاجز لا يتداخل بعضه
البعض بين الماء العذب والمالح
اما السور الذي له باب فهذه لاهل الشفاعه من تقاربت حسناتهم وسيئاتهم بعد تسوية الحقوق او من شملتهم رحمة الله
فياتوا الرسل المخولون بالشفاعه واستخدم كلمة اصحاب الاعراف مع اصحاب النار دلاله على انهم اصحاب الشفاعه الذين اذن الله لهم
والرسل يخاطبون رجال اي كبراء ائمة الكفر في طائفة منهم
أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا
الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ
فيدخلوا من هذا الباب تلقاء اهل الجنة فيكون مجموع الابواب= 16= اي ثمانية ابواب جهة الجنة وسبعة ابواب جهة النار
وباب واحدة ما بين اصحاب الجنة واصحاب النار هذا المشهد العام لمنطقة الاعراف اما ختام الاية
وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَالُوا
إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ
فهذا حوض الكوثر يرد عليه المؤمنون قبل دخولهم الجنة وبينت كيف يرى اصحاب النار او اصحاب الجنة من خلال
السور وكيف رد اصحاب الجنة اخر كلامهم مع طلب اصحاب النار بافاضة الماء عليه بقولهم
ا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ
و بعدها تسوق الملائكه اصحاب الجنة للجنة
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ
وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
واصحاب النار للنار
وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ
رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ
خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ
ومنطقة الاعراف هي التي جاء ذكرها تفسير وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ۚ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا
والحال الذي بينته اعلاه
والحمد لله رب العالمين